الكتاب الجيد لا تكفيه قراءة واحدة
حين نبدأ في قراءة كتاب صعب، وذي بعد فلسفي واضح، نجد أن عقولنا تقابل محتوى غريباً، ومفاهيم جديدة، هذه المواجهة الأولية تكون في الأغلب سطحية، يمر فيها العقل على معالم النص دون أن يغوص بعمق في التفاصيل الدقيقة.
في القراءة الثانية، والثالثة يصبح العقل أكبر قدرة على تلمس العلاقات الخفية بين الأفكار، وعلى تفسير الرموز، والدلالات التي كانت غامضة في القراءة الأولى.
هذا يعني شيئاً مهماً، هو أن فهم النص عملية مفتوحة، ومستمرة. ولا يمكن أن تكتمل، أو تستنفد في قراءة واحدة، لأن النصوص الجيدة تتمتع بما يمكن أن نسميه (الثراء التأويلي) أي أنها تملك طبقات متعددة من المعنى، وكل قراءة جديدة تكشف لنا طبقة كانت مخفية، أو غير واضحة سابقاً.
ومن هنا كان صواب المقولة: ((قراءة كتب جيد ثلاث مرات خبر من قراءة ثلاثة كتب جيدة)) نعم إن التركيز على نص ممتاز بعينه يتيح للعقل أن ينضج معرفياً عبر التأمل المستمر في الأفكار نفسها، حيث إن العقل عند قراءة النص مرات عدة يفعل آلية النقد الذاتي، والتساؤل الداخلي، ويكتشف بذلك مكامن الضعف والقوة في فهمه السابق.