انتقل إلى المحتوى
النهضة جرأة على التساؤل

النهضة جرأة على التساؤل

نحن حين نقول: إن النهضة هي جرأة على التساؤل، فإننا في الحقيقة نعلي من شأن السؤال بوصفه أساساً في كل فكر حر، وبوصفه الخطوة الأولى على طريق التغيير.
السؤال هو إعلان خروج من حالة الرضا الزائف عن الواقع المعيش، وهو استفزاز للمألوفات والمرغوبات حين تصبح عبئاً يثقل كواهل الناس.
إن كل أولئك الذين سجلوا حراكاً نهضوياً سألوا أنفسهم أولاً: لماذا تأخرنا؟ ولماذا تقدم غيرنا؟ وما الذي يجب أن يتغير؟ وما الذي نريد أن نرسخه في حياتنا؟
التساؤل لا يملك قوة التغيير إلا إذا كان جريئاً؛ حيث إن الأسئلة تجول في عقول الكثيرين لكنهم يخافون من طرحها، وإن المجتمعات التي تخاف السؤال، أو تعاقب عليه، لا تصنع نهضة، لأنها تفضل الراحة على العمل، والتقليد على الابتكار.
إن السؤال الجريء يقوض مصالح طبقة من الناس، ويضع المألوف في موضع الشك. المجتمعات التي نهضت نظرت إلى السؤال على أنه مؤشر على الوعي، وليس علامة على التمرد، أو نية التخريب، ولهذا فإننا نرى في كل لحظة نهضوية انفجاراً في الأسئلة وثورة على الجواب الواحد، والنمط الفكري المغلق، وفي المقابل نجد أن أول مظاهر أفول أي حضارة يبدأ بالصمت عن التساؤل، وتحول التعليم إلى تلقين، والنظر إلى التجديد على أنه هدم للهوية، وخيانة لإنجازات الآباء.
ننتهي من كل هذا إلى أن النهضة لا تبدأ باستيراد التقنيات من الخارج، وإنما بالتساؤل عن عطب الداخل، واختلال موازين التفريق بين ما يجب تغييره، وما يجب صونه والدفاع عنه.
المقال التالي الكتاب الجيد لا تكفيه قراءة واحدة